كنت دائما أحلم بالحياة السرمدية ولطالما خدعني القدر ونسج لي هالة الأحلام وتركتني أتخبط في حناياها مثل شباك العنكبوت ...
شباك نسجتها بنفسي ...
نسجتها وحكتها وجلست داخلها .... لم أكن أعرف أن هذه الخيوط ستضرب جذورها في أرض الوهم لتنموا وتعيق نظري عن حقيقة الحياة .... جلست وجلست ... وحلمت و حلمت ... حتى مرور الوقت لم أكن أحس به ... لأن لشبكتي توقيت خاص .... لا يتبع غرينتش .... ولا يتعلق ببرج بيزا ... كان لي توقيت دون عقارب ودون أرقام ...
ركضت أحلامي وهرولت .. وتمسكت بها ... وأدخلت أظافري في جسمها الهلامي ... وعقدت أرجلي حول خاصرتها ..وشيء فشيء وزمني لا أدري إذا كان يمر أو إذا كان قد توقف ... وكبرت أحلامي وتضخم جسمها وانتفخ ... حتى غاص جسمي داخل تفاصيل جسمها الرخو ... غدوت داخلها تماما ....
أحاول النظر إلى الوقت ولكن عبثا ... طوقتني أحلامي ... حتى حبست أنفاسي .... ودون أن أشعر دخل جسمها إلى فوهة فمي ... مضغتها بكل تلذذ .... كمن سقط على الثلج بعد رحلة طويلة في الصحراء ... مضغتها وتابعت بحثي عن الزمن فلم أجده ....
تحولت أسناني إلى دقائق وانقلبت أمعائي إلى ساعات .... وإذا بلساني قد تحجر ... وأحمر بلون النحاس ... ليتحول إلى رقاص ساعة من ساعات القرن الثامن عشر ... وهكذا تابع جسمي تحولاته التي لا أعرف كم استغرقت ...
اقتربت زوايا خاصرتي بشكل غريب ... حتى أصبح وسطي مدورا ... واخذ ينتفخ رأسي وتتضخم أرجلي حتى تحولت بالكامل إلى ساعة رملية فذة الصنع وبدأت الدقائق والساعات تتساقط من رأسي إلى أرجلي وأحلامي تدور وتدور ... وأنا داخلها أتخبط فقد قدرت القدرة الإلهية إلى أن أتحول إلى ساعة رملية وأحلامي تنقلب وتنقلب دون رمال ... وبعد هذه الشقلبة التي لم أعرف كم دامت أحسست بهزة عظيمة وارتطام هائل فقد وصلت أحلامي إلى سرعة غريبة فاقت جدار الصوت وارتطمت بشباك العنكبوت التي نسجتها من أحلامي .... والتي تحولت إلى قضبان فولاذية مكهربة سقطت على الأرض المتشققة ... خدشتني أشواك الخيبة ... وخرقت زجاجي أحجار الفشل ....
تابعت الدوران حتى ارتطمت بصخرة الحقيقة ... وأخذت رمالي تنسكب لتدخل شقوق الأرض ... حاولت التقاطها فلم أجد أصابعي ... رأيت الساعات والدقائق تسخر مني وتركض فحاولت لحاقها فلم أجد أرجل لي .....
تحسست جيبي ماذا يوجد داخله ... تحركت وتململت حتى سقط من جيبي ثلاث عقارب حديدية كانت تدور في ساعة غرفتي قبل أن تبدأ أحلامي ....
فتحت فمي دهشة فأخذت أرقام ساعتي تسقط على الأرض في رعشة ................
والآن كيف سأعود .............
كيف سأركبّ ساعتي .........
........................................................................................................